سوريا بعد الأسد- تحديات الوحدة والانعتاق من الطائفية نحو مستقبل أفضل
المؤلف: نجيب يماني10.28.2025

على الرغم من فيض المشاهد والتغطيات الإعلامية الغزيرة التي غمرت جميع وسائل الإعلام العالمية بمختلف أشكالها، بالإضافة إلى التفاعلات الحية التي اكتظت بها منصات التواصل الاجتماعي، لم أجد شخصًا واحدًا يذرف دمعة حزن على نظام بشار الأسد، باستثناء من كان يعاني من علة أو جنون أو اضطراب عقلي.
لقد كان نظامًا مستبدًا أمعن في تدمير سوريا، وقضى على ملامح هويتها العربية الأصيلة، حكم البلاد بقبضة من حديد ونار، مستعينًا بأجهزته الأمنية القمعية وأساليب التعذيب والقتل الوحشية، وقصف المدن بلا رحمة، وتسبب في تهجير السكان وتجويعهم، وأشعل نار الفتنة الطائفية، ومارس مختلف أشكال القهر والتنكيل التي يعجز العقل البشري عن تصورها. وامتدت أذرعه الآثمة إلى دول الجوار، فقتل الأبرياء، وسجن المعارضين، وأغرق المنطقة المحيطة به في بحر من المخدرات والمؤامرات الدنيئة.
هوى هذا النظام الباغي وسقط مدويًا تحت ضربات المقاومة الشرسة، وبسالة المناضلين الساعين إلى الحرية والانعتاق من نير نظام جثم على صدورهم لعقود طويلة، ومارس أبشع صنوف القهر والإذلال، لم يرحم طفلًا صغيرًا ولا امرأة عجوزًا ولا شيخًا مسنًا. فتشتت شمل السوريين وتمزقوا أيادي سبأ، وابتلعت البحار والمحيطات أعدادًا لا تحصى من الأطفال والنساء والضعفاء الفارين من بطش النظام، ومن نجا من غضب البحر وجد نفسه قابعًا في الملاجئ، أو في أوطان بديلة، يعيش تحت وطأة ضغوط نفسية هائلة، وشعور جارف بالقهر والمهانة، هربًا من واقع الجحيم الذي صنعه "شبيحة الأسد" وأعوانه، من حزب الشيطان والميليشيات والمرتزقة، مما حوّل سوريا إلى ساحة مفتوحة لمعركة ضروس لا تعرف حرمة، وشهدت استخدام الغازات السامة، والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحظورة دوليًا، وانتشار مصانع المخدرات ومراكز توزيعها، كل ذلك بتدخلات إقليمية ودولية، لم تضع نصب أعينها سوى مصالحها الخاصة، وأجنداتها العقائدية الضيقة، وتجاهلت الشعب السوري وتطلعاته وآماله المشروعة، وتوقه إلى العيش بكرامة وعزة. لم يترك "الأسد" ونظامه الزائل أي مجال للتعاطف أو إبداء الأسف على رحيله، بل على العكس تمامًا، تجلت رغبة الشعب السوري جلية في تقديمه إلى ساحة العدالة، والحكم عليه بما يستحقه من عقاب رادع عن الجرائم والفظائع التي ارتكبها في حق شعبه ووطنه، وهي جرائم تفوق الوصف، وتتجاوز الحصر والإحصاء. والعجيب في الأمر أن هذا المصير المشؤوم الذي انتهى إليه نظام الأسد كان أمرًا محتومًا، قياسًا على السيناريوهات المماثلة التي حلت بأنظمة مماثلة في المنطقة، ولكن لم يكن هناك عقل راجح يدرك، ولا عين بصيرة تبصر، ولا وعي مستنير يضيء العتمة، فكانت النتيجة ما نشاهده اليوم من أعمال شنيعة وأفعال محرمة تأباها الفطرة السليمة، وهروبه المخزي الذي يلطخه العار والهوان.
وبعيدًا عن هذه الحقبة المظلمة، والنظام المنقضي، فإن الواقع الحالي يفرض على الشعب السوري الشقيق جملة من التحديات الجسيمة، التي لا يمكن التغلب عليها إلا بالوحدة والتكاتف، ونبذ الخطاب الطائفي المقيت الذي عمّق من مظاهر الفرقة والشتات، والتخلص من براثن الغبن الأعمى الذي يفضي إلى نزعة الانتقام المدمرة، والتحول إلى مبدأ المحاسبة المستند إلى القوانين العادلة، تحقيقًا لقيمة "القصاص" باعتباره ركنًا أساسيًا للحياة الكريمة. ومتى ما اهتدت سوريا المتحررة إلى هذا المفهوم السامي، واختارت قادتها الجدد بوعي وبصيرة نافذة، فإن بشائر الدعم والمساندة ستكون حاضرة لتعزيز مسيرتها. ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى موقف المملكة العربية السعودية النبيل، الذي أعلنته في بيانها، بالتعبير "عن ارتياحها العميق للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق"، والتأكيد القاطع على وقوفها الراسخ إلى جانب الشعب السوري وخياراته في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، ودعوتها الصادقة إلى تضافر الجهود المخلصة للحفاظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والتشرذم. وهي إشارة مشجعة يجب على من سيتولى زمام الحكم في سوريا مستقبلًا أن يدرك أبعادها العميقة، وأن يستوعب دلالاتها الجوهرية من تأكيد المملكة على دعم استقرار سوريا وصيانة سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن قيادة زمام المبادرة بدعوة المجتمع الدولي بأسره لمساعدة سوريا في تجاوز محنتها الراهنة. وهي إشارة ذات أهمية قصوى كونها تصدر من المملكة العربية السعودية، بصفتها الركيزة الأساسية في المنطقة بثقلها السياسي الوازن إقليميًا وعالميًا، وكلمتها المسموعة والمقدرة في جميع المحافل الدولية.
بهذا يكون طريق الخلاص ممهدًا، وعودة سوريا إلى الحضن العربي دافئة، بعد أن جنح بها مجرم سوريا إلى أحضان غريبة، بعيدًا عن التجاذبات العقائدية الضيقة، والأجندات المفخخة التي أدت إلى هذا المصير البائس. وإن أي محاولة لإعادة إنتاج نفس الخطابات الديماجوجية الشعبوية، والنظريات العصبية المتطرفة التي تتبناها جماعات الهوس الديني، وحركات الإسلام السياسي، ستعيد سوريا لا قدر الله إلى حالة من الفوضى والتشرذم، ولن تسلم من مصائر مشابهة لأنظمة خاضت تجارب التحرر والانعتاق وانتهت إلى أوضاع أسوأ مما كانت عليه بسبب خطابات التشدد البغيضة، ومغامرات المتشددين من الحركات الإسلامية المتطرفة، مما يؤكد بشكل قاطع لا لبس فيه، أن الإسلام السياسي يوفر بيئة خصبة لنمو مظاهر القمع والاستبداد ونبذ الآخر والتطرف الذي يمزق وحدة الصف.
ومتى ما اقترن هذا بعامل الطائفية المقيتة، والهشاشة الاجتماعية العميقة، وتفشت نوازع الريبة والشك والتخوين بين أفراد المجتمع، كان ذلك أشد وطأة، وأفدح خسارة، وأعظم مصيبة. وهو عين ما أخشاه على سوريا في مستقبلها المجهول، لذا وجب تغليب صوت العقل الرشيد، وإحياء الضمير الغائب، وسلامة التوجه في المقاصد.
حمى الله سوريا وشعبها الأبي، وأبدلها أيامًا زاخرة بالخير والبركة بعد زوال الغمة عن أراضيها الغالية.
لقد كان نظامًا مستبدًا أمعن في تدمير سوريا، وقضى على ملامح هويتها العربية الأصيلة، حكم البلاد بقبضة من حديد ونار، مستعينًا بأجهزته الأمنية القمعية وأساليب التعذيب والقتل الوحشية، وقصف المدن بلا رحمة، وتسبب في تهجير السكان وتجويعهم، وأشعل نار الفتنة الطائفية، ومارس مختلف أشكال القهر والتنكيل التي يعجز العقل البشري عن تصورها. وامتدت أذرعه الآثمة إلى دول الجوار، فقتل الأبرياء، وسجن المعارضين، وأغرق المنطقة المحيطة به في بحر من المخدرات والمؤامرات الدنيئة.
هوى هذا النظام الباغي وسقط مدويًا تحت ضربات المقاومة الشرسة، وبسالة المناضلين الساعين إلى الحرية والانعتاق من نير نظام جثم على صدورهم لعقود طويلة، ومارس أبشع صنوف القهر والإذلال، لم يرحم طفلًا صغيرًا ولا امرأة عجوزًا ولا شيخًا مسنًا. فتشتت شمل السوريين وتمزقوا أيادي سبأ، وابتلعت البحار والمحيطات أعدادًا لا تحصى من الأطفال والنساء والضعفاء الفارين من بطش النظام، ومن نجا من غضب البحر وجد نفسه قابعًا في الملاجئ، أو في أوطان بديلة، يعيش تحت وطأة ضغوط نفسية هائلة، وشعور جارف بالقهر والمهانة، هربًا من واقع الجحيم الذي صنعه "شبيحة الأسد" وأعوانه، من حزب الشيطان والميليشيات والمرتزقة، مما حوّل سوريا إلى ساحة مفتوحة لمعركة ضروس لا تعرف حرمة، وشهدت استخدام الغازات السامة، والبراميل المتفجرة، والأسلحة المحظورة دوليًا، وانتشار مصانع المخدرات ومراكز توزيعها، كل ذلك بتدخلات إقليمية ودولية، لم تضع نصب أعينها سوى مصالحها الخاصة، وأجنداتها العقائدية الضيقة، وتجاهلت الشعب السوري وتطلعاته وآماله المشروعة، وتوقه إلى العيش بكرامة وعزة. لم يترك "الأسد" ونظامه الزائل أي مجال للتعاطف أو إبداء الأسف على رحيله، بل على العكس تمامًا، تجلت رغبة الشعب السوري جلية في تقديمه إلى ساحة العدالة، والحكم عليه بما يستحقه من عقاب رادع عن الجرائم والفظائع التي ارتكبها في حق شعبه ووطنه، وهي جرائم تفوق الوصف، وتتجاوز الحصر والإحصاء. والعجيب في الأمر أن هذا المصير المشؤوم الذي انتهى إليه نظام الأسد كان أمرًا محتومًا، قياسًا على السيناريوهات المماثلة التي حلت بأنظمة مماثلة في المنطقة، ولكن لم يكن هناك عقل راجح يدرك، ولا عين بصيرة تبصر، ولا وعي مستنير يضيء العتمة، فكانت النتيجة ما نشاهده اليوم من أعمال شنيعة وأفعال محرمة تأباها الفطرة السليمة، وهروبه المخزي الذي يلطخه العار والهوان.
وبعيدًا عن هذه الحقبة المظلمة، والنظام المنقضي، فإن الواقع الحالي يفرض على الشعب السوري الشقيق جملة من التحديات الجسيمة، التي لا يمكن التغلب عليها إلا بالوحدة والتكاتف، ونبذ الخطاب الطائفي المقيت الذي عمّق من مظاهر الفرقة والشتات، والتخلص من براثن الغبن الأعمى الذي يفضي إلى نزعة الانتقام المدمرة، والتحول إلى مبدأ المحاسبة المستند إلى القوانين العادلة، تحقيقًا لقيمة "القصاص" باعتباره ركنًا أساسيًا للحياة الكريمة. ومتى ما اهتدت سوريا المتحررة إلى هذا المفهوم السامي، واختارت قادتها الجدد بوعي وبصيرة نافذة، فإن بشائر الدعم والمساندة ستكون حاضرة لتعزيز مسيرتها. ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى موقف المملكة العربية السعودية النبيل، الذي أعلنته في بيانها، بالتعبير "عن ارتياحها العميق للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق"، والتأكيد القاطع على وقوفها الراسخ إلى جانب الشعب السوري وخياراته في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، ودعوتها الصادقة إلى تضافر الجهود المخلصة للحفاظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والتشرذم. وهي إشارة مشجعة يجب على من سيتولى زمام الحكم في سوريا مستقبلًا أن يدرك أبعادها العميقة، وأن يستوعب دلالاتها الجوهرية من تأكيد المملكة على دعم استقرار سوريا وصيانة سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن قيادة زمام المبادرة بدعوة المجتمع الدولي بأسره لمساعدة سوريا في تجاوز محنتها الراهنة. وهي إشارة ذات أهمية قصوى كونها تصدر من المملكة العربية السعودية، بصفتها الركيزة الأساسية في المنطقة بثقلها السياسي الوازن إقليميًا وعالميًا، وكلمتها المسموعة والمقدرة في جميع المحافل الدولية.
بهذا يكون طريق الخلاص ممهدًا، وعودة سوريا إلى الحضن العربي دافئة، بعد أن جنح بها مجرم سوريا إلى أحضان غريبة، بعيدًا عن التجاذبات العقائدية الضيقة، والأجندات المفخخة التي أدت إلى هذا المصير البائس. وإن أي محاولة لإعادة إنتاج نفس الخطابات الديماجوجية الشعبوية، والنظريات العصبية المتطرفة التي تتبناها جماعات الهوس الديني، وحركات الإسلام السياسي، ستعيد سوريا لا قدر الله إلى حالة من الفوضى والتشرذم، ولن تسلم من مصائر مشابهة لأنظمة خاضت تجارب التحرر والانعتاق وانتهت إلى أوضاع أسوأ مما كانت عليه بسبب خطابات التشدد البغيضة، ومغامرات المتشددين من الحركات الإسلامية المتطرفة، مما يؤكد بشكل قاطع لا لبس فيه، أن الإسلام السياسي يوفر بيئة خصبة لنمو مظاهر القمع والاستبداد ونبذ الآخر والتطرف الذي يمزق وحدة الصف.
ومتى ما اقترن هذا بعامل الطائفية المقيتة، والهشاشة الاجتماعية العميقة، وتفشت نوازع الريبة والشك والتخوين بين أفراد المجتمع، كان ذلك أشد وطأة، وأفدح خسارة، وأعظم مصيبة. وهو عين ما أخشاه على سوريا في مستقبلها المجهول، لذا وجب تغليب صوت العقل الرشيد، وإحياء الضمير الغائب، وسلامة التوجه في المقاصد.
حمى الله سوريا وشعبها الأبي، وأبدلها أيامًا زاخرة بالخير والبركة بعد زوال الغمة عن أراضيها الغالية.
